للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وينبني على ذلك: تفاوت الإيمان وتفاوت الفسق، فيكون هذا أقوى إيمانًا وذاك أضعف، والفسق هذا أعظم فسقًا وهذا دون ذلك، ففاعل الكبيرة أعظم فسقًا من فاعل الصغيرة إذا فسق بفعلها، وهذا الأصل هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، على أن الأعمال تتفاضل، وأن العاملين يتفاضلون، سواء السيئ أو الصالح.

* * *

* قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (١٣٧)} [النساء: ١٣٧].

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا}: حصل منهم الإيمان مرتين، والكفر ثلاث مرات، وهؤلاء آمنوا ودخلوا في الإيمان, لكن الإيمان لم يستقر في قلوبهم فارتدوا والعياذ بالله.

وقوله: {آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}؛ لأن الإيمان لم يستقر في قلوبهم، ولو استقر الإيمان في قلوبهم ما كفروا، لكنه لم يستقر - والعياذ بالله - كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨)} [البقرة: ٨].

قوله: {ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}، انظر التذبذب، بعد أن كفروا أول مرة بعد الإيمان آمنوا، بعد أن كفروا أول مرة بعد الإيمان آمنوا، وبعد ذلك {كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} - نسأل الله العافية - بتلاعبهم بالدين، وصار الكفر الأخير أشد مما قبله؛ لأنهم متلاعبون متذبذبون، فهم لا يستقرون على قرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>