للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" (١)، فالكذب على الله أشد وأعظم.

وقوله: {مُبِينًا} أي: بينًا، وقد ذكرنا فيما سبق: أن "أبان" الرباعي يأتي لازمًا ويأتي متعديًا، فإن كان متعديًا فمعناه الإظهار، أبان: أي أظهر، وإن كان لازمًا فمعناه الوضوح، تقول: أبان الفجر؛ أي: وضح وتبين، وتقول: أبان القرآن أن الكذب حرام، بمعنى: بين وأوضح، وأما قوله تعالى: {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢)} [الزخرف: ٢] من النوعين يشمل هذا وهذا، فهو بيِّن في نفسه مبين لغيره.

وإعراب هذه الجملة {وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا}، وهي ترد في القرآن كثيرًا، مثل: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ٧٩] وهنا: {وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا} الفاعل في {كَفَى} يكون مجرورًا دائمًا أو غالبًا، فيكون مدخول الباء هو الفاعل بزيادة الباء، ويأتي بعد ذلك الإسم منصوبًا فيقولون: إنه تمييز للكفاية؛ لأن الكفاية تكون في أي شيء فيميز، وبعضهم يعربه: حالًا، {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} أي: حال كونه شهيدًا.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - دعوة الإنسان إلى العجب فيما يتعجب منه، وأن هذا من طرق القرآن، لقوله: {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}.

٢ - تعظيم الكذب على الله؛ لأنه لم يؤمر بالتعجب منه إلا


(١) رواه البخاري، كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (١١٠)؛ ومسلم في المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٣) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>