للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} يعني: أنه ثبت ثبوتًا أزليًا وأبديًا.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - ترتيب الثواب والجزاء على النية، لقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ}، وعلى هذا فيجب على الإنسان أن يصحح نيته تمامًا، وأن لا ينوي بعمل الآخرة إلا الآخرة، أما عمل الدنيا فهو للدنيا.

٢ - الرد على الجبرية، وذلك بإثبات الإرادة للعبد، والجبرية يقولون: إن العبد ليس له إرادة، وأنه مجبر على عمله ليس له إرادة، وهذه الآية وغيرها ترد عليهم.

٣ - بيان انحطاط رتبة الدنيا عند الله عزّ وجل، ولهذا قال: {فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} قال ابن القيم رحمه الله في النونية:

لو ساوت الدنيا جناح بعوضة ... لم يسق منها الرب ذا الكفران

لكنها والله أحقر عنده ... من ذا الجناح القاصر الطيران

يعني: لو أن الدنيا تساوي جناح بعوضة ما سقى الله أحدًا من الكفار، ولا أنعم عليهم بشيء؛ لكفرهم، لكن يتمتعون بها لأنها ليست عند الله بشيء، سواء تمتع بها أولياؤه أو أعداؤه، وهذا هو الواقع، فالدنيا إذا لم تكن وسيلة إلى الآخرة فلا خير فيها، حتى لو نعم فيها الإنسان فإن هذا النعيم جحيم، ولذلك تجد أشد الناس همًّا وأسىً وحزنًا وقلقًا هم أصحاب الدنيا، ولا يغرنك ما عندهم من اللباس والقصور، والنعيم والسيارات وغيرها، فقلوبهم والله أسوأ حالًا من أفقر المسلمين.

قال بعض السلف: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من لذة العيش لجالدونا عليه بالسيوف".

<<  <  ج: ص:  >  >>