قوله تعالى:{لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} هذا خبر {إِنَّ}، وقوله:{لَمْ يَكُنِ} هنا فعل مضارع منفي، واللام في قوله:{لِيَغْفِرَ لَهُمْ} تسمى لام النفي أو لام الجحود، وهي زائدة على قول بعض النحويين، وغير زائدة على قول آخرين، فالذين قالوا: إنها زائدة قالوا: التقدير: "لم يكن الله يغفر لهم" والذين قالوا غير زائدة، قالوا: إن قوله: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} على تقدير الإرادة. يعني: لم يرد لغفرانهم.
وأيًا كان ففي قوله:{لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} تيئيس لهم من المغفرة - والعياذ بالله - وأنهم سيبقون على كفرهم إلى يوم يلقونه.
قوله:{وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا}: {سَبِيلًا}، يعني: طريقًا إلى الخير، فلا يمكن أن يهديهم الله سبيلًا إلى الخير، وفي الآية التي في آخر السورة قال: {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: ١٦٨، ١٦٩] قال: ذلك في الذين كفروا وظلموا.
فهؤلاء الذين حصل لهم ذلك قد سد الله عنهم باب المغفرة وباب الرحمة، باب المغفرة في قوله:{لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} وباب الرحمة في قوله: {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا}.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - أن المتذبذب بين الإيمان والردة يكون مآله أن يزداد كفرًا، لقوله:{ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا}، وذلك - والله أعلم - أن الإيمان لم يدخل قلبه.
٢ - من العلماء من استدل بهذه الآية على أن من تكررت