للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردته لم تقبل توبته، قالوا: لأن الله قال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} فهل هذا الإستدلال صحيح؟

الجواب: قد يقول قائل: إنه ليس بصحيح؛ لأن آخر أمر هؤلاء أن {ازْدَادُوا كُفْرًا} ولم يذكر الله توبتهم، فإذا قارنا هذا بقوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: ٥٣] قلنا: هذه الآية تقضي على ما ذكره هؤلاء العلماء الذين قالوا: إن من تكررت ردته لا تقبل توبته؛ لأن الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}.

وإن قالوا: إننا لا نقول أنها لا تقبل توبته، وأنه لو تاب لم تقبل، لكننا نقول: إنه بعيد أن يتوب، ولهذا كان أمر هؤلاء أن يزداد الإنسان كفرًا.

وبناءً على هذا نقول: إذا ظهر من هذا الذي تكررت ردته، الإيمان الصحيح والإستقامة، وصلاح الحال فإننا نقبل منه: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (٢٠)} [إبراهيم: ٢٠] وهذا هو الأصح، أن من تكررت ردته يجب أن نتأنى في قبول توبته، حتى نعرف صدق توبته، وصلاحه واستقامته، وأنه تاب توبةً نصوحًا.

٣ - الرد على الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، وأن فعله لا ينسب إليه إلا مجازًا، فالرد عليهم من قوله: {آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} فأضاف الأفعال إليهم، ففيه رد على الجبرية؛ لأن الجبرية عندهم أن العبد ليس له فعل اختياري، بل هو مجبر على العمل؛ كتحرك السعفة في الرياح، فلما قيل لهم: كيف يكون ذلك والله تعالى يثيب

<<  <  ج: ص:  >  >>