للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطائع ويعاقب العاصي؟ ! أي حكمة في إثابة الطائع وعقوبة العاصي، والكل منهم يفعل بغير اختياره؟ !

قالوا: لا نتحاج على الله، والله يفعل ما يشاء، والظلم تصرف الفاعل في غير ملكه، والكل ملك لله، فإذا تصرف في ملكه بما شاء ولو بتعذيب المطيع وتنعيم العاصي فهو ملكه.

وبناءً على ذلك نفوا الحكمة في أفعال الله، وقالوا: ليس لله حكمة في أفعاله، فهو يفعل لمجرد المشيئة.

٤ - وفيها أيضًا: رد على القدرية، لقوله: {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا}، فدل هذا على أن الهداية بيد الله وليس يستقل بها العبد، والقدرية يقولون: إن الإنسان مستقل بفعله، وليس لله فيه مشيئة ولا خلق، وغُلاتهم يقولون: ولا علم ولا كتاب، فغُلاتهم ينكرون جميع مراتب القدر: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق، ومقتصدوهم ينكرون مرتبتين من مراتب القدر، وهما: المشيئة والخلق. ويقولون: الله يعلم وقد كتب ما يكون، لكنه لا يشاء، والإنسان مستقل بعمله، وكلا الطائفتين غاليتان مفرطتان، فالقدرية غلوا في إثبات فعل العبد، وتطرفوا في إثبات خلق الله ومشيئته، والجبرية بالعكس.

٥ - أنه يجب على الإنسان أن يحذر من التردد والتقلب، فإن الغالب أن من هذه حاله لا يبارك له في عمره، ولا في عمله، فكونه كل يوم له رأي، وكل يوم له عمل، هذا لا شك أنه يضيع عليه الوقت، ولا يستفيد من عمره شيئًا، ولهذا يذكر عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: "من بورك له في شيء فليلزمه" (١)


(١) انظر: الغماز على اللماز للسمهودي ص ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>