للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زد على ذلك أن الوحوش والبهائم كلها تحشر مع الناس، فيا له من مشهد عظيم! هذا المشهد يجب أن نتذكره دائمًا قيامًا وقعودًا، وإذا تذكره الإنسان فإنه قد يقول يومًا من الأيام: ليتني شجرة تعضد، كما قال ذلك أمير المؤمنين - رضي الله عنه -، وإن الإنسان أحيانًا ليمر بالعصفور أو بالقط فيقول: يا ليتني! مثله؛ يخشى من الذنب، وإلا فمن المعلوم أن ابن آدم إذا قدر الله له السعادة فهو أفضل منها بكثير، كما قال تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤)} [الضحى: ٤] , لكن من يضمن لنفسه هذا؟ ! ومن يضمن لنفسه أنه سالم من هذا الموقف العظيم؟ ! من هذا اليوم الذي {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (١٧) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: ١٧, ١٨] , فلو ضمن الإنسان هذا لقال: الحمد لله الذي خلقني، مع أن الله محمود على كل حال، لكن الإنسان يخشى من الذنوب.

فأقول: إن الخلائق كلها سوف تحشر إلى الله عزّ وجل، ويجازى كل إنسان بما عمل، ولو أنكر الإنسان ما الذي يشهد عليه؟ نفس البدن، أعضاؤه وجلده، فكل الجلد يشهد بما مس من عمل سيء، وبما تصبب عرقًا من شهوة باطلة، وغير ذلك، كما قال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)} [النور: ٢٤] اللهم نجنا من ذلك اليوم.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أنه لا يمكن للمسيح عيسى ابن مريم الذي جعله هؤلاء إلهًا أن يستنكف عن عبادة الله، ويتفرع على هذه الفائدة: أن العبد لا يصلح أن يكون ربًا أو معبودًا؛ لأنه هو نفسه عابد مربوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>