للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الله عزّ وجل؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين" (١) فالإنسان لا يكتسب الفضائل بنفسه، ولو وكل إلى نفسه لهان وذل وحرم، ولكن الفضل من الله عزّ وجل.

قوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} هذه صيغة بمعنى التعجب، وقيل في إعرابها: كفى فعل ماض، والباء حرف جر زائد، ولفظ الجلالة فاعل، يعني: وكفى الله عليمًا وعلى هذا فتكون كلمة: {عَلِيمًا} منصوبة على الحال؛ أي: حال كونه عليمًا، وصلة هذه الجملة بما قبلها بيان أن الله سبحانه لم يعط الفضل لهؤلاء إلا عن علم، وليس هكذا جزافًا بل: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤]، وأعلم حيث يجعل الصلاح، وأعلم حيث يجعل العلم والرشد، فهو سبحانه يعلم المحل الذي هو أهل لهذا الفضل فيمنحهم إياه، ويعلم من ليس بأهل فيحرمه، فهذا وجه صلة الجملة بما قبلها.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - بيان نعمة الله عزّ وجل على هؤلاء الأصناف، لقوله: {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ} ووجهه: أن الله تفضل عليهم.

٢ - أن ما يحصل للإنسان من فضل فإنما هو من الله عزّ وجل لا بحوله وقوته، ولهذا أهلك الله الذي قال: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: ٧٨]؛ لأن الفضل بيد الله.


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ٧٣٠)؛ والنسائي في الكبرى (٦/ ١٤٧) عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>