للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} فيقال: تبًا لكم! إن الله غني عن عباده، قبل أن يخلقهم وبعد أن يخلقهم، لكنه شبه العمل بالقرض من باب الإحسان، وبيان أنه عزّ وجل ملتزم بأن يثيب المطيع.

فإن قال قائل: تقديرك هذا يقتضي أن يكون الله قد وجب عليه شيء؟ والله تعالى لا يجب عليه شيء؟

فالجواب: نعم، لا يجب عليه شيء من قبل الناس، فالناس لا يوجبون على الله شيئًا، لكن هو سبحانه أوجب على نفسه، وإذا أوجب على نفسه فهو من كماله، كما قال الله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ٥٤] فهو الذي كتب على نفسه أن يثيب المطيع، وأن من عمل سوءًا بجهالة ثم تاب تاب الله عليه، ولهذا لما قال القائل:

ما للعباد عليه حق واجب ... كلا ولا عمل لديه ضائع

إن عذبوا فبعدله أو نعموا ... فبفضله وهو الكريم الواسع

قال ابن القيم مثل هذا القول إلا أنه قيده ووضحه فقال:

ما للعباد عليه حق واجب ... هو أوجب الأجر العظيم الشأن

إن عذبوا فبعدله أو نعموا ... فبفضله والفضل للمنان

فبين رحمه الله أنه لا واجب على الله للعباد إلا ما أوجبه

على نفسه، فإذا أوجب الله على نفسه شيئًا فهو من فضله عزّ وجل.

* * *

* قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النساء: ١١٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>