للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - في هذه الآية الكريمة دليل على أن قتل المؤمن عمدًا من كبائر الذنوب؛ لورود الوعيد عليه، وكل ذنب رُتب عليه الوعيد والعقوبة فهو من كبائر الذنوب.

ولكن من قتل مؤمنًا متعمدًا وتاب تاب الله عليه، وما ينسب إلى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "إن قاتل المؤمن عمدًا لا توبة له" (١)، محمول على أن المراد لا توبة له باعتبار حق المقتول؛ ولأن القتل عمدًا يتعلق فيه ثلاثة حقوق: حق الله، وحق أولياء المقتول، وحق المقتول، أما حق الله فلا شك أنه يسقط بالتوبة بنص القرآن: قال الله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ} [الفرقان: ٦٨ - ٧٠]، وأما حق أولياء المقتول فيسقط بتسليم القاتل نفسه لهم؛ لأن حقهم أن يقتلوه وقد سلم نفسه، وأما حق المقتول فالمقتول قد مات فبقي حقه؛ لأنه لا يُعلم سماحه، فيحمل ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما على هذا؛ أي: أنه لا توبة له باعتبار حق المقتول، على أن القول الصحيح أن له توبة حتى باعتبار حق المقتول؛ لأن الله تعالى يوفي عنه يوم القيامة، حيث تاب توبة نصوحًا.

٢ - أنه لا بد من القصد لقوله: {مُتَعَمِّدًا}، ولكن هل يشترط في القصد أن يعلم أنه مؤمن، أو إذا تعمد أن يقتل هذا الرجل وإن كان يشك هل هو مؤمن أو معاهد فإنه عمد؟


(١) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} (٤٧٦٤)؛ ورواه مسلم، كتاب التفسير (٣٠٢٣) عن سعيد بن جبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>