للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: هذه فيها خلاف بين العلماء: فمنهم من قال: إنه إذا تعمد فعل ما لا يجوز وأصاب مؤمنًا فهو عمد، مثل أن يرمي معاهدًا - والمعاهد لا يجوز رميه - فيصيب مؤمنًا، بل قالوا: لو رمى بعيرًا يحرم عليه رميها ثم أصاب إنسانًا فإنه يعتبر عمدًا.

ولكن الصحيح في هذه المسألة: أنه إذا تعمد قتل شخص فأصاب من كان مثله فهو عمد، يعني إذا أراد أن يقتل زيدًا فأصاب عمرًا فهذا عمد، لكن لو أراد أن يقتل بعيرًا فأصاب رجلًا فليس بعمد، وذلك لظهور الفرق بين الآدمي وبين البهيمة، ولا يمكن أن يقال: قصد قتل البهيمة كقصد قتل المؤمن.

فالصواب في هذه المسألة أن يقال: العمد يشمل ما إذا قصد هذا المؤمن بعينه، أو قصد من كان في وصفه من المؤمنين، فكله يعتبر عمدًا.

ولا يشترط العلم بالعقوبة لإقامة القصاص، وهذا عام في كل شيء، متى علم الإنسان أن هذا شيء محرم ترتب عليه أثره، ولهذا أوجب النبي - صلى الله عليه وسلم - على الذي أتى أهله في رمضان الكفارة مع أنه لا يدري، بدليل أنه جاء يسأل: ما الذي عليه؟ (١).

٣ - أن من قتل مؤمنًا غير متعمد فلا عقوبة عليه؛ أي: لا يعاقب بهذه العقوبة؛ وذلك لأن القيد يعتبر شرطًا في ترتب ما يترتب عليه.

٤ - أن قاتل المؤمن عمدًا يخلد في النار، لقوله: {خَالِدًا فِيهَا}، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في معنى الخلود: فمنهم من قال: إن الخلود هو المكث الطويل، ولا يشترط أن يكون


(١) رواه البخاري، كتاب الصيام، باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق (١٩٣٦)؛ ورواه مسلم، كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم (١١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>