للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يذكرون الله بقلوبهم لأن قلوبهم ساهية غافله، يؤدون الصلاة كأداء الآلة، بدون أن يشعروا بأنهم يناجون الله عزّ وجل، إذًا: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ} في الصلاة {إِلَّا قَلِيلًا} يعني: بالقلب واللسان والجوارح.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - إثبات خداع المنافقين، وأنهم قوم أهل خداع ومكر، ولهذا كان من صفات المنافقين أنهم إذا عاهدوا غدروا، وإذا خاصموا فجروا، وإذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا؛ لأن كل هذا يتضمن الخداع.

٢ - إثبات الخداع لله عزّ وجل؛ أي: أنه جل وعلا يخدع من يخادعه، لقوله تعالى: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ}.

وهل الخداع صفة ذم أو صفة مدح؟

في ذلك تفصيل: إن كان في مقابلة من يخادع فهو صفة مدح؛ لأنه يدل على قوة المخادع؛ لأنه أشد مكرًا من عدوه وأشد خداعًا، كما قال تعالى: {اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا} [يونس: ٢١] وقال: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: ٥٤]، أما إذا كان ليس له سبب، وكان خداعًا في موضع الإئتمان فإنه لا يسمى خداعًا، وإنما يسمى خيانةً، وهذا عيب بكل حال، ولهذا لا يوصف الله بالخائن إطلاقًا، حتى الذين يخونون الله لا يقابلهم الله بالخيانة، كما قال تعالى: {فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [الأنفال: ٧١] فقال: {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} ولم يقل: فخانهم، ووجه ذلك: أن الخيانة خداع في موضع الإئتمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>