- هزيمة وذل - افتخر عليكم واحتقركم وقال:{قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا}[النساء: ٧٢]، وأما إذا كان العكس وانتصرتم وأصابكم فضل من الله، فحينئذ يتمنى أن يكون معكم ليفوز الفوز العظيم الذي هو غاية مناه، وهو النيل من الدنيا.
[من فوائد الآيتين الكريمتين]
١ - في قوله تعالى:{وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} دليل على أن التكاسل في الخير، والتراجع عنه من أسباب النفاق، وهو كذلك، والتباطؤ عن الخير والتكاسل عنه ليس سببًا للنفاق فحسب، بل هو سبب للضلال والعمى، والعياذ بالله! كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠)} [الأنعام: ١١٠]، وقال الله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)} [ق: ٥]، ولهذا يجب على الإنسان متى تبين له الحق أن يأخذ به، وألا يتهاون، لئلا يصيبه ما أصاب هؤلاء، بل يسارع ويعمل، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
٢ - بيان حال صنف من الناس الذين لا يريدون القتال في سبيل الله، وإنما يريدون الدنيا، وأنه إذا أصيب من كانوا بصدد الخروج معه افتخروا في أنهم نجوا من ذلك، وإن أصيب هؤلاء بالفضل والنصر تمنوا أن يكونوا معهم، فيكون مرادهم الدنيا وليس مرادهم القتال في سبيل الله، أما الذي مراده القتال في سبيل الله فإنه على العكس من ذلك، إذا أصيب بمصيبة فاستشهد فإنه ينتقل من حال إلى أفضل منها كما قال الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)} [آل عمران: