للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعمول هنا، فإن العلماء يقولون: إن تقديم المعمول يفيد الحصر، وإذا قلنا به في هذه الآية أوجب إشكالًا وهو: أنه لا يكون خبيرًا إلا بما نعمل، وما سواه فليس خبيرًا به، وهذا مقتضى الحصر، فهل الغرض من التقديم هنا الحصر؟

الجواب: لا؛ لأننا نعلم أن الله عزّ وجل يعلم، وهو خبير بكل شيء، لكن الحكمة في ذلك: شدة التحذير من المخالفة، كأنه قال: لو لم يعلم شيئًا لكان عالمًا بما تعملون، وحينئذ يتأكد علمه جل وعلا بما نعمل، فيكون في ذلك شدة التحذير من المخالفة، وهذه هي فائدة تقديم قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ} في هذا الموضع.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - عناية الله عزّ وجل بما يكون بين الزوجين، وجهه: أن الله ذكر هنا نشوز الزوج، وفي أول السورة ذكر نشوز الزوجة، مما يدل على عناية الله تعالى بما يكون بين الزوجين؛ لأن الزوجين هما الرابطة التي تربط بين الأولاد، وتربط أيضًا بين الصهر وصهره، وهي أحد النوعين في الربط، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: ٥٤].

٢ - أن من الأزواج من ينشز على الزوجة، ويترفع عليها، ويعرض عنها، ولا يجلس إليها، ولا يستأنس بها، لقوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}.

٣ - العمل بالقرائن، ويؤخذ من قوله: {خَافَتْ} ولم يقل: رأت نشوزًا بل خافت، ومن المعلوم أنها لم تخف من النشوز والإعراض إلا بوجود القرائن، والعمل بالقرائن ثابت بالقرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>