للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكلام على الجملة الأخيرة "وليأت إلى الناس مما يحب أن يؤتى إليه" فهذا هو الإحسان في معاملة الناس، أن تأتي للناس ما تحب أن يؤتى إليك، وبهذا يتحقق الإيمان كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (١).

أما التقوى هنا فهي تقوى محارم الله؛ أي: تقوى المحرمات في حقوق الله وفي حقوق عباد الله، فتجتنب البغي والعدوان والكذب والشرك وغير ذلك، سواء كان في حقوق الله، أو في معاملة عباد الله.

قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} {بِمَا تَعْمَلُونَ}: اسم موصول وصلته، والإسم الموصول يفيد العموم، وعلى هذا فتكون خبرة الله تعالى بكل ما نعمل من ظاهر وباطن، وخير وشر، وصغير وكبير؛ لأن "ما" اسم موصول يفيد العموم.

وقوله: {خَبِيرًا} قال العلماء: إن الخبير أخص من العليم، إذ أن الخبير هو الخبير ببواطن الأمور، وإذا كان خبيرًا ببواطن الأمور كان عليمًا بظواهرها، والغرض من هذه الجملة - التي وقعت جوابًا للشرط - حث النفوس على الإحسان والتقوى؛ لأنك إذا علمت أن الله خبير بكل ما تعمل أوجب لك أن تخافه فتتقيه، وأوجب لك أن ترجوه فتحسن.

وفي قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} إشكال، متعلق بتقديم


= فالأول، حديث رقم (١٨٤٤) عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، حديث رقم (١٣)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، حديث رقم (٤٥) عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>