للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا: هذه الآية لها ارتباط بما سبق؛ لأن المقام كله مقام بيان المنافقين الذين هم أذل الناس وأخذلهم عند القتال.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - وجوب القتال في سبيل الله، لقوله: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} والأصل في الأمر الوجوب، وقد اختلف العلماء رحمهم الله: هل قتال المؤمنين للكافرين قتال للطلب أو قتال دفاع؟

والصواب: أنه قتال طلب، لكنه ليس لإكراه الناس على الإيمان؛ لأن الله تعالى قال: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: ٩٩] , وهذا استفهام للإنكار، وكذلك يقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] , لكنه يقاتل قتال طلب؛ لأن تكون كلمة الله هي العليا، هذا هو المطلوب، وأن يكون الإِسلام هو الظاهر المهيمن، فمن أسلم فهو في الإِسلام وفي ظله، وهو في الطبقة العليا من طبقات بني آدم، ومن لم يسلم فهو في ظل الإِسلام أيضًا إذا بذل الجزية عن يد وهو صاغر.

٢ - وجوب الإخلاص، لقوله: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، وما عدا سبيل الله، فيوصف بأنه في سبيل الطاغوت، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦)} [النساء: ٧٦].

وأسباب القتال الدافعة إليه كثيرة:

الأول: أن تكون كلمة الله هي العليا، وهذا في سبيل الله.

الثاني: الحمية كأن يقاتل لقوميته، وهذا المقاتل حمية في سبيل الطاغوت، اللهم إلا أن يقول: إني أقاتل حمية لأن قومي

<<  <  ج: ص:  >  >>