للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مستحيلًا فليس بشيء بالنسبة للقدرة، أما العلم فيشمل حتى المستحيل، فمثلا قول الله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، وقوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: ٩١]، فإن تعدد الآلهة ممتنع مستحيل، ومع ذلك أخبر الله أنه لو كان لكان ما ذكر الله تعالى.

وقوله: {حَكِيمًا} مشتق من الحكم والحكمة، فهو حاكم إذا جعلناه مشتقًا من الحكم، ومُحكِم إذا جعلناه مشتقًا من الحكمة.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - بيان فضل الله عزّ وجل على عباده بإيجابه التوبة على نفسه بقوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ}.

٢ - أن لله أن يوجب على نفسه ما شاء، وليس للعباد أن يوجبوا عليه شيئًا، لقوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)} [الأنبياء: ٢٣]، لكن له سبحانه أن يوجب على نفسه ما شاء، وله أن يحرم على نفسه ما شاء، قال الله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي" (١)، وقال تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ١٢]، فهذا إلزام وفرض، ومنه هذه الآية: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ}.

٣ - أن كل عامل سوء فإنما يعمله بجهالة وسفه، والسفه ضد الرشد، فمن عمل سيئًا فقد فُقد منه الرشد.


(١) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، حديث رقم (٢٥٧٧) عن أبي ذر - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>