للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أن الرشد يختلف باختلاف مواضعه، فالرشد في المال: إحسان التصرف فيه، والرشد في الولاية: معرفة ما يجب للولاية، فإن كانت ولاية سلطان وإمارة فلها رشد معين، وإن كانت ولاية نكاح فالرشد في الولي: أن يعرف كفء المرأة ومصالح النكاح، والرشد في معاملة الناس له معنى يخصه، ويجمع هذا كله إحسان التصرف فيما يتصرف فيه، هذا هو الرشد، وضده إساءة التصرف.

٥ - وجوب المبادرة بالتوبة، لقوله: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}، ووجهه: أن المراد بالقرب هنا الموت، والموت ليس معلومًا وقته، وإذا كان كذلك كانت المبادرة بالتوبة واجبة؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له؛ ولأن الإنسان إذا أصر على المعصية فإنه يقسو قلبه، وتكون هذه الصغيرة من صغائر الذنوب كبيرة، ولهذا ذكر بعض العلماء: أن التهاون بالمعاصي والإستمرار في المعصية الصغيرة يجعلها كبيرة، فإذا فعل الإنسان صغيرة تهاونًا بالله، وبأوامر الله؛ صارت كبيرة؛ لما قام بقلبه من التهاون بها، وإذا فعل الكبيرة مع شدة تعظيمه لله عزّ وجل، وخوفه منه، وخجله منه، لكن سولت له نفسه أن يفعلها، فإن ذلك يجعلها صغيرة، والرجل الذي كان يضرب في الخمر، لما لعنه أحد الصحابة قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه يحب الله ورسوله" (١)، فالإنسان العاصي قد يكون في قلبه من هيبة الله تعالى وإجلاله وتعظيمه؛ ما يجعله عند فعل المعصية خجلًا من الله، مستحييًا منه، فتنقلب الكبيرة صغيرة بما قارنها من خوف الله وتعظيمه


(١) رواه البخاري، كتاب الحدود، باب ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة (٦٧٨٠) عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>