للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} أي: ثوابًا عظيمًا؛ أي: ذا عظمة، واعلم أن العظيم إذا عظم الشيء فإنه يكون فوق ما يتصور، ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" (١).

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - تمام عدل الله عزّ وجل، وأنه إذا حكم بحكم عام يختص أفراده بخلاف ذلك الحكم فلا بد أن يذكره، ونأخذ هذا من كلمة: {لَكِنِ} الإستدراكية، بعد أن حكم عليهم بما حكم؛ من أخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل، قال: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ} فتمام العدل أن يذكر الخير والشر، سواء كان ذلك الخير والشر بالنسبة للطائفة، أو كان ذلك الخير والشر بالنسبة للواحد، فمن أراد تقويم شخص فالواجب عليه أن يذكر محاسنه ومساوئه، أما من أراد أن يبطل ما يكون من باطل فهنا لا يلزم أن يذكر المحاسن؛ لأن ذكر المحاسن في مقام الرد عليه يرفع الرد عليه، والتنفير منه، ويوجب العطف عليه، فهنا يفرق بين شخص يريد أن يقوِّم شخصًا فلا بد أن يذكر المعايب والمحاسن، وبين إنسان يريد أن يرد على شخص باطله فيذكر الباطل ولا يذكر المحاسن؛ لأنه لو ذكر المحاسن لضعف جانب الرد عليه.

٢ - فضيلة الرسوخ في العلم، وانتبه لكلمة "الرسوخ"،


(١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، حديث رقم (٣٠٧٢)؛ ومسلم أول، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، حديث رقم (٢٨٢٤) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>