للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان إذا أراد أن ينام في الليالي الباردة يجعل البعير بينه وبين الريح، وينام تحت الناقة في حضنها، وأن الناقة تميل عليه لتكون عليه كالغطاء، يحدثنا بذلك أهل الجمال، يقول: تنحني عليه حتى يدفأ منها وتقيه البرد، وهذا يدل على أنها تحبه، ولو كانت تكرهه لطحنته ولم تقه البرد.

* * *

* قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (٣٧)} [النساء: ٣٧].

قال الله تبارك وتعالى في ختام آية الحقوق السابقة: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}: مختالًا في هيئته، فخورًا في لسانه بقوله، والمراد بالفخور الذي يتحدث بما عليه من الصفات افتخارًا على الناس لا إخبارًا بنعمة الله عزّ وجل، فأما إذا كان إخبارًا بنعمة الله فإنه تحدث بنعمة الله، وهو مشروع.

وبين صفات الله هذا المختال الفخور فقال: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}.

فقوله: {الَّذِينَ} يجوز أن تكون بدلًا من "مَنْ" في قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} باعتبار المعنى؛ لأن {مَنْ} مفردة اللفظ مجموعة المعنى؛ أي: صالحة للجمع والمفرد، ولفظها: "مَن" مفرد، ويجوز أن يوصف بالجمع باعتبار المعنى.

فقوله: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} يجوز أن تكون صفة لـ "مَن"، ويجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير: هم الذين {يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>