للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان من عند الله فلن يجدوا فيه اختلافًا ولو قليلًا، لكن قوله: {اخْتِلَافًا كَثِيرًا} بيان لواقع ما كان من عند غير الله، وليس هذا قيدًا في أنه لو كان من عند الله لوجدوا فيه اختلافًا قليلًا، إذ أنه لا اختلاف في كتاب الله عزّ وجل.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - الحث على تدبر القرآن، وجه ذلك: توبيخ من لم يتدبر، وإذا كان من لا يتدبر القرآن يوبخ فمن يتدبره يُثنى عليه ويُمدح.

إذًا: ففيه الحث على تدبر القرآن.

٢ - الرد على من يقول: إن آيات الصفات مجهولة المعنى، وهم أهل التفويض الذين يقولون: فرضنا بالنسبة لآيات الصفات أن نتلوها فقط، وألا نتكلم في معناها؛ لأن معناها مجهول، فيقال لهم: القرآن عام يشمل آيات الصفات وغيرها، والله تعالى وبخ من لم يتدبره، ولازم هذا أن يكون للآيات معنى؛ لأن الحث على تدبر ما لا يمكن الوصول إلى معناه حث على متعذر أو متعسر، وعلى هذا فيكون هذا الحث من كلام اللغو، وينزه عنه كلام الله عزّ وجل.

فإن قال قائل: إذا قلتم: إن آيات الصفات غير مجهولة المعنى، وإنها معلومة، فهل يلزم من ثبوت المعنى مماثلة المخلوق؟

فالجواب: لا يلزم؛ لأن الله يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] ففي الآية إثبات الصفات ونفي المثل، ولو كان لا يمكن إثبات الصفات إلا بإثبات المماثلة لكان في الآية تناقض ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>