بمعنى: يُجرح، فقالوا:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} أي: جرحه بمخالب الحكمة، وهذا تحريف، والعياذ بالله، يعني: أنهم جعلوا هذا من باب الإستعارة، وهذا أيضًا باطل، بل الصواب: أن الله تعالى كلم موسى تكليمًا واضحًا بحرف وصوت سمعه موسى، وأن كلامه إياه كان على وجهين:
الوجه الأول: المناجاة.
الوجه الثاني: المناداة، قال الله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)} [مريم: ٥٢] والنداء يكون للبعيد، والمناجاة تكون للقريب، ومن المعلوم أن البعيد يحتاج إلى صوت أعلى، والقريب يكفيه الصوت الخفي.
{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}، {رُسُلًا} جمع رسول، بمعنى: المرسَل، والظاهر: أنها حال من قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}[النساء: ١٦٣] أي: حال كونهم رسلًا، وكانت حالًا لأنها بمعنى المشتق؛ إذ أن {رُسُلًا} بمعنى: مرسلين.
وقوله:{مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} البشارة: الإخبار بما يسر، والإنذار: التخويف بما يخاف منه؛ وذلك أن الشرائع التي جاءت بها الرسل أوامر ونواهي، فالذي يناسب الأوامر البشارة، بأن