للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - أن الله تعالى قص أنباء بعض الرسل ولم يقص أنباء آخرين، والحكمة من ذلك هي - كما أشرنا إليه في التفسير -: أن الأنبياء البعيدين عن منطقة رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يقص الله علينا من نبأهم.

ولكن لو قال قائل: هل لكل أمة رسول؟

الجواب: نعم، ولا شك في هذا، لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٤] ولقوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥].

٧ - أن الله تعالى كلم موسى كلامًا حقيقيًا، لقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} والذين أنكروا أن يكون الله كلمه سلكوا مسلكين: منهم من حرف الآية لفظًا ليتغير المعنى، ومنهم من حرفها معنى وأبقى اللفظ على ما هو عليه، فمنهم من قال: إن صواب القراءة: {وَكَلَّمَ} اللهَ {مُوسَى تَكْلِيمًا} فجعل المكلِّم موسى، وهذا تحريف لفظي يتغير به المعنى، وهذا لا شك أنه جناية على الله عزّ وجل وعلى كلامه، وهو أيضًا باطل؛ لقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣] إذ لا يمكن لأحد أن يقول هنا: إن المكلم موسى؛ ؛ لأن الهاء في قوله: {كَلَّمَهُ} ضمير مفعول، ولا يمكن أن تكون ضمير الفاعل.

ومنهم من قال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} من "الكلْم" وهو الجرح، كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مكلوم يكلم في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله" (١) فقوله: "يكلم"


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من يجرح في سبيل الله عزّ وجل! حديث رقم (٢٦٤٩)؛ ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج =

<<  <  ج: ص:  >  >>