للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمة في ذلك: أن أهل الجنة يتنعمون باجتماع بعضهم إلى بعض، ولهذا قال: {خَالِدِينَ فِيهَا} [النساء: ١٣] أما أهل النار - والعياذ بالله - فقد ورد أن كل واحد منهم في تابوت لا يرى أحدًا ولا يراه أحد، اللهم إلا على سبيل التقريع، فهذا هو السر، والعلم عند الله.

وقوله تعالى: {وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}؛ أي إدخاله النار, وخلوده فيها، لا يبقى مستقرًا أبدًا، بل هو معذب عذاب إهانة، فيكون عذابًا جسميًا وعذابًا قلبيًا نفسيًا؛ لأن العذاب الجسمي أهون من العذاب والألم القلبي، ولهذا قال العلماء: ينبغي أن يُختن الإنسان وهو صغير؛ لأن ختان الصغير ليس فيه إلا الألم الجسمي، أما إذا ختن وهو كبير صار هناك ألم جسمي وألم نفسي قلبي، فإنه يفكر ويقول: ربما يزداد الجرح، وربما يموت، وما أشبه ذلك، لكن الصغير إذا برد عليه سكت، وإذا صال عليه الوجع صاح، وإذا حملناه إن كان لا يستطيع المشي سكت.

فعذاب أهل النار - والعياذ بالله - عذاب مهين؛ أي: ذو إهانة؛ لأنهم يقرعون ويوبخون.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن معصية الله عزّ وجل سبب لدخول النار؛ لقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا}، وإنما قلنا: سبب؛ لأنه قد يتخلف لوجود مانع، وهو: عفو الله عزّ وجل في غير الشرك، أما الشرك فلا بد أن يدخل صاحبه النار ويخلد؛ لقوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة: ٧٢]، وعلى هذا فنقول: المعصية إن كانت دون الشرك فهي سبب لدخول النار، وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>