للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضعيفًا؛ فالحكمة أن يستذل أمام القوي، فلو دخل إنسان على الأمير فلا يقول: يا فلان! أنت ظلمتني ولم تعطني حقي؟ إنما الحكمة أن يقول: أطال الله بقاءك على طاعته أيها الأمير! المحترم الموقر المعظم، ويأتي بأشياء تسهل الأمور فالتصرف الثاني هو دليل الحكمة، لكن حكمة الله عزّ وجل مقرونة بالعزة، فهو منزه عن ذلك.

إذًا: قرن العزة بالحكمة له فائدة، وقرن الحكمة بالعزة كذلك له فائدة.

* * *

* قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (٥٧)} [النساء: ٥٧].

لما ذكر الله سبحانه حال أهل النار أعاذنا الله وإياكم منها، قال بعد ذلك: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، والقرآن مثاني، تثنى فيه المعاني، فإذا ذكر فيه أهل النار ذكر فيه أهل الجنة، وإذا ذكرت النار ذكرت الجنة، وإذا ذكر الحق ذكر الباطل، وهكذا، وهذا أحد المعاني في قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر: ٢٣].

قول الله عزّ وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قدم الله الإيمان على العمل الصالح - ومثل هذا التركيب موجود في القرآن بكثرة - لأن العمل الصالح مبني على الإيمان، فعمل بلا إيمان لا فائدة منه، فالمنافقون يعملون، ويذكرون الله، ويصلون، ويتصدقون، ولكن ليس عندهم إيمان فلا ينفعهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>