للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦ - أن كل شيء - وإن صعب - فهو يسير على الله عزّ وجل، لكمال قوته وقدرته وسلطانه، لقوله: {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.

* * *

* قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧٠)} [النساء: ١٧٠].

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ} هنا الخطاب لعموم الناس، مع أن السورة مدنية، والغالب في السور المدنية أن يكون الخطاب فيها للمؤمنين؛ لأن القرآن نزل وسط أمة مؤمنة، لكن قد يأتي الخطاب بالعموم لقرائن تحتف به؛ وذلك أن الخطاب سوف ينتقل من هذا العموم إلى مخاطبة أهل الكتاب، وأهل الكتاب ليسوا من المؤمنين، ولهذا قال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ}، والرسول هو: محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن "أل" هنا للعهد الذهني، إذ لا رسول مع محمد - صلى الله عليه وسلم -، ونظير ذلك أن تقول: جاء الأمير، وليس في البلد إلا أمير واحد، فكلٌ سينصرف ذهنه إلى هذا الأمير أمير البلد.

وقد ذكر العلماء أن العهود ثلاثة:

عهد حضوري، وعهد ذكري، وعهد ذهني، فما تعين بالذهن فـ "أل" فيه للعهد الذهني، وما تعين بالذكر فـ "أل" للعهد الذكري، ومثاله قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: ١٥ - ١٦]؛ أي: الرسول السابق الذكر، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)} [الشرح: ٥ - ٦]، أي: أن

<<  <  ج: ص:  >  >>