العسر الثاني هو الأول، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما:"لن يغلب عسر يسرين"(١).
وتكون للعهد الحضوري، كما في قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة: ٣] وكقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}[غافر: ١٦].
و"أل" التي للعهد الحضوري لها ضابط: وهي التي تأتي بعد اسم الإشارة، فإذا أتت "أل" بعد اسم الإشارة فإنها للعهد الحضوري؛ وذلك لأن اسم الإشارة يدل على القرب، فإذا قلت: هذا الرجل فـ "أل" هنا للعهد الحضوري؛ لأن المشار إليه قريب.
قوله:{بِالْحَقِّ} الباء للمصاحبة والتعدية؛ أي: مصاحبة للحق، فما جاء به فهو حق، أو بالحق يعني: أنه رسول من عند الله حقًا، فالآية تدل على هذا وهذا، إذ ليس بينهما منافاة، وعلى هذا نقول: إن المراد بها المعنيان جميعًا؛ أي: أنه جاء بالحق، ولم يأت بالباطل، وأنه رسول حق، ليس بكاذب، عليه الصلاة والسلام.
والحق هو: ضد الباطل، وأصله الثبوت، كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ}[يونس: ٩٦] أي: ثبتت ولزمت، فالأصل أن هذه الكلمة تفيد معنى الثبوت، فالحق ثابت، والباطل زائل، كما قال تعالى:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}[الأنبياء: ١٨].
وقوله:{مِنْ رَبِّكُمْ}{مِنْ} هنا للإبتداء، أي: أن الحق جاء من عند الله، وتأمل قوله:{مِنْ رَبِّكُمْ} حيث إن فيها إشارة إلى أنه يجب عليكم أن تقبلوا هذا الرسول؛ لأنه جاء من ربكم