للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اجتمعا يقتضيان العزة والحكمة؛ لأنه من الحكمة أن يغفر الله تعالى لمن شاء، ومن العزة أن يعذب من شاء، فلما كانت الآية ليست في موضوع واحد ختمت بما يصلح لهذا وهذا.

* * *

* قال الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٢٩)} [النساء: ١٢٩].

يقول الله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} "لن" للنفي فهي نافية، وللنصب تنصب الفعل المضارع، وللإستقبال. يعني: تجعل الفعل المضارع لمحض الإستقبال، ويقابلها: "لم"، التي تجعل الفعل المضارع للمضي، فإذا قلت: لم يقم زيد فهذا فيما مضى، وتشترك مع لن في النفي، وتختلف معها في العمل، وفي نقل الفعل من الحاضر والمستقبل إلى الماضي.

وقوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا} أي: لن يكون في طاقتكم.

قوله: {أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} أن تعدلوا هنا: فعل مضارع دخلت عليه أن المصدرية، ويؤول ما بعد أن بمصدر ليكون في هذه الآية مفعولًا لقوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا}؛ أي: لن تستطيعوا عدلًا بين النساء، ولو حرصتم، والعدل ضد الميل.

قوله: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} ولما جاء قوله تعالى: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} انتفى الإشكال الوارد في قوله تبارك وتعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: ٣]، فيفسر ما في الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>