الطبيب الكافر عالجه فبرئ بإذن الله، لا شك أنه سيقع في قلبه محبة لهذا الرجل، لكن ليست محبة تصل إلى محبة الدين، إنما هي محبة طبيعية، أن الإنسان يحبه لأنه أحسن علاجه.
{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} هذه الجملة جملة خبرية منفية، {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ}، و {الْجَهْرَ بِالسُّوءِ} معناه أن يقول: فلان ظلمني، فلان أخذ حقي، وفلان جحدني وما أشبه ذلك، فالله لا يحب هذا، إلا من ظلم بأخذ حقه أو عدوان عليه، فإن محبة الله لا تنتفي في حقه، مثال المظلوم: لو أن إنسانًا آذاه جاره فصار يتكلم عند الحاكم، أو عند الأمير، أو من يستطيع أن يزيل مظلمته، ويجهر بهذا السوء، وليس المراد بالجهر أن يصوت بين الناس، وإنما المراد أن يبينه لغيره، فإن هذا المظلوم له أن يقول ذلك.
ومن هذا النوع قصة الجار الذي كان يؤذيه جاره، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج متاعه من بيته، فيمر الناس به فيقولون ما هذا؟ فيقول: آذاني جاري، فصار في هذا فضيحة للجار بالفعل.
ومن الجهر بالسوء ممن ظلم أن يسبك إنسان أمامك، ويقول: أنت بخيل، أنت جبان، أنت سفيه، وما أشبه ذلك، فلك أن ترد عليه بما وصفك به من العيب، فتقول: السفيه أنت، الجبان أنت، البخيل أنت، كما قال بدون زيادة؛ لقوله تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]،