تعالى لا يحب من كان خوانًا أثيمًا فإنه لا يجوز الجدال عنه؛ أي: عن هذا الخوان الأثيم؛ لأن المجادلة عنه مضادة لله عزّ وجل؛ لأنها تأييد له، مع أن الله لا يحبه.
وقوله:{خَوَّانًا} هذه صيغة مبالغة، فيحتمل أن تكون على بابها وأن الله لا يحب كثير الخيانة، ويحتمل أن تكون للنسبة فلا يلزم منها الكثرة، ويكون المعنى: إن الله لا يحب من كان ذا خيانة، وفَعَّال تأتي للنسبة كقوله تعالى:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت: ٤٦] أي: بذي ظلم، وليس المعنى: بكثير الظلم؛ لأن الظلم منتفٍ عن الله تعالى قليله وكثيره.
إذًا الراجح: أنها للنسبة؛ أي: لا يحب من كان ذا خيانة.
وقوله:{أَثِيمًا} أي: مكتسبًا للإثم، والخيانة والإثم تنطبق تمامًا على هؤلاء الذين خانوا هذا اليهودي، وأثموا بالسرقة، فهم جمعوا بين أمرين: بين الإثم بالسرقة، وبين الخيانة بإلصاق هذا العمل في غيره.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - النهي عن معاونة الآثم، وهذا مطابق لقوله تعالى:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢] وتؤخذ من قوله: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ}.
٢ - أن اهتداء النبي صلوات الله وسلامه عليه هو بتوجيه الله تعالى وإرشاده، لقوله:{وَلَا تُجَادِلْ}؛ فإن هذا توجيه من الله عزّ وجل لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام ألا يجادل عن هؤلاء.
٣ - أن الخائن لغيره خائن في الحقيقة لنفسه، حيث أوقعها