للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: بل بينهما فرق؛ فالعدوان ما فعل عن قصد، والظلم يعود إلى نفس الفاعل، فهو إذا خالف أو فعل ما ذكر من المناهي فقد اعتدى على غيره فأكل ماله، واعتدى على غيره فقتله، وظلم نفسه، فيكون عدوانًا باعتبار الغير، وظلمًا باعتبار النفس. والثاني أصح لا شك؛ لأن حمل الكلام على التأسيس أولى من حمله على الترادف؛ لأنك إذا جعلتهما مترادفتين صار ذلك تكرارًا، لكن إذا قلت هذه لها معنى وهذه لها معنى فإذا هو الأصل.

وعليه فنقول: {عُدْوَانًا} أي: عن عمد وقصد، وهو عدوان على الغير، {وَظُلْمًا} أي: للنفس؛ لأن جميع المعاصي ظلم للنفس.

قوله: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} أي: ندخله نارًا يصلاها تحرقه، والفعل "نصلي" نصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، فيكون من باب كسى وأعطى.

قوله: {وَكَانَ ذَلِكَ} المشار إليه إدخاله النار التي يصلاها. كان {عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} أي: سهلًا؛ لأنه لا يمانعه أحدٌ في ملكه، فالتعذيب بالنار قد يصعب على بعض ملوك الدنيا مثلًا، لكنه على الله يسير سهل: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - التحذير من فعل هذه المنهيات؛ وذلك بالوعيد عليها بالنار.

٢ - أن فعل هذه المنهيات من كبائر الذنوب؛ لأنه توعد عليه بالنار، وكل ذنب توعد عليه بالنار فهو من كبائر الذنوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>