للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)} [النساء: ١٥].

{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} اللاتي: مبتدأ، وخبره جملة {فَاسْتَشْهِدُوا}.

وقد اقترنت الفاء بخبر المبتدأ؛ لأنه لما كان المبتدأ اسمًا موصولًا كان مشبهًا لاسم الشرط في العموم، فأعطي حكمه، واقترنت الفاء بخبره، ومنه قول النحويين في المثال المشهور: "الذي يأتيني فله درهم"، فإنه نائب مناب قولك: "من يأتني فله درهم"، فالإسم الموصول لما أشبه الشرط في العموم، صار دخول الفاء في خبره كدخول الفاء في جواب الشرط.

وقوله: {وَاللَّاتِي} جمع التي، لكنه على غير القياس؛ لأن هذه الأسماء غير مشتقة.

وقوله: {يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} الفاحشة: ما يستفحش شرعًا وعرفًا، والذي يستفحش شرعًا يستفحش عرفًا؛ أي: في أعراف المسلمين لا في أعراف غير المسلمين، وإنما قيدنا بذلك؛ لأن الزنا فاحش شرعًا، وفاحش عرفًا في عرف المسلمين، لكنه في عرف الكفار ليس بفاحش، ومن هنا نعرف أن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" (١)، أن هذا خاص بالمسلم الذي يكره الإثم ويخشى أن يطلع عليه الناس في حال إثمه، وإلا فإن الكافر لا يحوك في نفسه الإثم.


(١) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تفسير البر والإثم، حديث رقم (٢٥٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>