للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة الجن قال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: ٢٣]، وإذا كان الله تعالى قد ذكر التأبيد في آيات ثلاث، فإن أي قول يخالف ذلك فهو ساقط؛ لأن من لزوم الخلود لزوم المكان، فإذا قيل: إنه خالد في النار أبدًا، لزم أن يكون المكان الذي يخلد فيه مؤبدًا، وإلا فلا معنى للتأبيد، فقول بعض العلماء: إنهم خالدون فيها أبدًا ما دامت باقية، قول ساقط لا وجه له من النظر؛ لأن الله صرح بتأبيد الخلود، ويلزم من تأبيد الخلود في المكان أبدية المكان، وإلا لم يكن للتأبيد فائدة.

٧ - أن الذين في النار - والعياذ بالله - يعذبون عذابًا مهينًا؛ أي: ذا إهانة، وليسوا مكرمين.

فإن قال قائل: كيف نجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)} [الدخان: ٤٨، ٤٩]؟

فالجواب من أحد وجهين:

الوجه الأول: إما أن يكون ذلك على سبيل التهكم به.

الوجه الثاني: وإما أن يكون هذا ليذكر حاله في الدنيا، والمعنى: أنت العزيز الكريم في الدنيا؛ حتى يزداد حسرة، وهو أنه في الدنيا كان عزيزًا كريمًا، والآن صار ذليلًا مهينًا. وكلا الأمرين يحصلان لهذا الذي يوجه له هذا الخطاب، فإنه يصب من فوق رأسه الحميم، ثم يقال: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)}، ولا شك أنه سوف يرى أنه يقال له ذلك على سبيل التهكم، ثم يذكر هو أيضًا حاله في الدنيا، وأنه كان في الدنيا عزيزًا مكرمًا، والآن وصل إلى هذا الحد من الإهانة والعياذ بالله.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>