أيضًا ثمانين جلدة مع الأول، ولو قالوا: عندنا شاهد ثالث، قلنا نجلده أيضًا ثمانين جلدة، وكل هذا حمايةً للأعراض والأنساب، يعني أن جلد القاذف ليس حماية لعرض المقذوف فقط، بل وللأنساب أيضًا؛ لأنه إذا ثبت زناه اختلط نسب الزاني بنسب الزوج، فما يدرى هذا الولد لهذا أو لهذا فتضيع الأنساب، ولهذا كان من الواجب أن يقام على القاذف حد، وأيضًا لا يكفي أن يقام عليه الحد، فبالإضافة إلى ذلك لا تقبل له شهادة أبدًا، حتى ولو شهد بما يساوي فلسًا؛ لأن الله قال:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}[النور: ٤] فأكد النفي بالتأبيد، فإذا شهد وهو من أعدل الناس قلنا: لا نقبل؛ لأن هذا أمر الله، العقوبة الثالثة: الخروج عن العدالة {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور: ٤] وبناءً على ذلك فكل عمل ديني أو دنيوي يشترط فيه العدالة فإنه لا يتولاه أبدًا، لكن الله استثنى فقال:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النور: ٥] وهذا الإستثناء يعود إلى الجملة الأخيرة بالإتفاق، وهو ارتفاع الفسق إذا تاب، ولا يعود إلى الأولى بالإتفاق، وهي قوله:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤] واختلف العلماء هل يعود للثانية؟ وهي {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} أو لا؟ على قولين: وينبغي أن يرجع في ذلك إلى اجتهاد الحاكم القاضي.