{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} هذا أيضًا مما ادعاه اليهود بنو إسرائيل، يقولون:{إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}، وذكروه باللقب والإسم والكنية، {الْمَسِيحَ} لقب، والإسم {عِيسَى}، {ابْنَ مَرْيَمَ} الكنية، وهذا لا شك أنه واقع من اليهود، قالوا:{إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} ذكروه بالإسم وباللقب، والكنية لئلا يكون اشتباه، وهذا من باب التوكيد، توكيد العين والشخص بأنه هو المراد.
أما قوله:{رَسُولَ اللَّهِ} فقد اختلف المفسرون فيها، هل هذا من قولهم أو من قول الله؟ فقال بعض أهل العلم: إنه من قول الله، يعني: لما قال هؤلاء: {الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} فهم لا يقرون بأنه رسول، لكن الله تعالى قال:{رَسُولَ اللَّهِ} كأنه يقول: إنه لا يستحق أن يقتل لأنه رسول.
وقال بعض المفسرين: إن هذا من كلامهم، وأنهم قالوا: ذلك على سبيل التهكم، يعني: الذي يزعم أنه {رَسُولَ اللَّهِ}، وأن هذا كقول قريش للرسول: {وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦)} [الحجر: ٦] كيف ينزل عليه الذكر وتقولون: إنه مجنون؟ ! لكن هذا من باب التهكم.
على كل حال: القرآن عظيم، جاء بهذه الصيغة، من أجل أن يدير الإنسان فكره في كل ناحية ليتأمل أيهما أحق، ويمكن أن يقال: قاله الله تعالى تكريمًا وتعظيمًا لعيسى عليه الصلاة والسلام، وقاله هؤلاء استهزاء وتهكمًا.
قال الله تعالى:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} القتل موجود، فهم قالوا:{قَتَلْنَا الْمَسِيحَ} لكن أين الصلب؟ يقولون: هذا من باب