حذف المعلوم بالسياق، وهنا هم قالوا: قتلنا وصلبنا، لكن طوي ذكره اكتفاءً بما سيذكر.
فقوله:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} وهم قالوا: إنَّا قتلناه وصلبناه، والصلب: أن توضع خشبة على طول جسد المصلوب، ويعرض فوقها على حذاء عضديه عارضة، ثم يوقف ويشد على هذه الخشبة، وتربط يداه على العارضتين.
ولذلك اتخذ النصارى لسفههم وضلالهم وقلة عقولهم الصليب الذي صلب عليه نبيهم إلهًا، وعلى الأقل مقدسًا، مع أنهم لو كانوا عقلاء لكانوا إذا رأوا الصليب كسروه وأوقدوا به النار، لكنهم سفهاء ضلال، لا يميزون بين الحق والباطل.
قوله:{وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}، {شُبِّهَ} أي: ألقي شبهه على شخص آخر، فقتلوا هذا الشخص، وانظروا الضلال والفتنة، ألقي شبهه على رجل، فقتلوا هذا الرجل وصلبوه، وقالوا:{قَتَلْنَا الْمَسِيحَ} وقد اتفق جميع الذين كانوا حاضرين معه على أنه رفع، كما قال الله عزّ وجل، ونحن لسنا بحاجة إلى شهادة أحد بعد شهادة الله عزّ وجل.
ومن الذي شُبِّه؟ قيل: إن الذي شبه هو نفس الذي دل اليهود على عيسى؛ لأن اليهود كانوا يبحثون عن عيسى عليه السلام، وعيسى كما تعلمون كان يسيح في الأرض هو وأمه خوفًا على نفسه من اليهود، فقيل لهم: إنه كان في البيت الفلاني، فأرسلوا لقتله، وكان دليلهم واحدًا منهم، فلما وصلوا إلى البيت الذي هو فيه وأصحابه - وكانوا نحو ثلاثة عشر نفرًا أو اثني عشر - دخل الذي يدل عليه ليتأكد، فلما دخل ألقى الله عليه