بهذا فلماذا عبر بـ {عَسَى} التي لا تعطي الإنسان يقينًا بالوقوع؟
والجواب: نقول: لئلا يغتر الإنسان فيقول: أنا معفو عني، ثم لا يهتم، بل يقال: أنت يتوقع أن الله يغفر لك، ويتوقع أن تكون من المهتدين، في مثل قوله:{فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}[التوبة: ١٨]، وقوله:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}[المائدة: ٥٢]، وأمثلة هذا كثيرة، حتى لا يغلب الطمع على الإنسان فيأمن من مكر الله.
وقوله:{فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ}{يَعْفُوَ}: العفو هو: التجاوز عن الذنب، ولكنه لا يكون ممدوحًا إلا إذا كان مع القدرة، أما إذا كان بدون قدرة فهو مذموم؛ لأنه عجز وذل، ولهذا يقال دائمًا: فلان يعفو مع القدرة؛ لأن هذا هو محل العفو المحمود؛ كقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩)} [النساء: ١٤٩] يعني: يعفو مع القدرة على المؤاخذة، فاعفوا أنتم عنهم حتى يعفو الله عنكم.
[من فوائد الآيتين الكريمتين]
١ - عفو الله عزّ وجل عن هؤلاء الصنف من الناس في تركهم للهجرة.
٢ - أن الدين الإسلامي دين اليسر والسهولة، وأنه مع وجود المشقة ينتفي الحرج.
٣ - أن من الرجال البالغين من لا تجب عليهم الهجرة، وذلك لكونهم مستضعفين.