للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون، لقوله: {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً}، وهل يستدل بهذا على جواز استعمال الحيل؟

الجواب: نقول: لا، بل الحيل فيها تفصيل:

ما كان تحيلًا على واجب فهو واجب، وما كان تحيلًا على محرم فهو محرم، وما كان تحيلًا على مباح فهو مباح، وهذا الأخير بشرط ألا يؤدي ذلك إلى اتهام المحتال، وعدم الثقة بقوله أو بفعله، والإحتيال على إظهار الحق بإيهام خلاف المقصود واجب، مثل صنيع سليمان عليه الصلاة والسلام في المرأتين المتنازعتين في طفل إحداهما، قالت الكبرى: هو لي، وقالت الصغرى: هو لي، فقال: ائتوا بالسكين لأشقه بينكما، فقالت الصغرى: هو لها يا نبي الله! وقالت الكبرى: شقه (١)، فهذه حيلة، لكن على إظهار الحق.

والحيلة على المحرم كأن يحتال على الربا بصورة عقد غير مقصود؛ كمسائل العينة مثلًا، فهذا حرام.

والحيلة على مباح أن يحتال على أخيه في معاملة مباحة ليتوصل إلى مقصوده بها، فهذه جائزة بشرط ألا يؤدي ذلك إلى تهمة الإنسان وعدم الثقة بقوله أو فعله، هذا إذا قلنا: إن الحيلة هي التوصل إلى الشيء بما يخالف ظاهره، أما إذا قلنا: إن الحيلة المراد بها الحول، وأصله أنهم لا يستطيعون قوة على الهجرة، فإنه لا يكون فيها دلالة أصلًا على التحريم.

٥ - أنه تجب الهجرة على من يقدر عليها من أي سبيل،


(١) رواه البخاري، كتاب الفرائض، باب إذا ادعت المرأة ابنًا (٦٧٦٩)؛ ورواه مسلم، كتاب الأقضية، باب بيان اختلاف المجتهدين (١٧٢٠) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>