بالمؤاخذة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: قد يقال: إن المراد بالتنكير هنا التعظيم؛ أي: وجوهًا معظمة عندكم فتطمس، وهي وجوه زعمائهم الذين صدوهم عن سبيل الله عزّ وجل.
٨ - أن الإحالة على المعلوم تصح ولو بلفظ الإبهام، وتؤخذ من قوله:{كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} لأنه إذا قال قائل: ما هي اللعنة التي حلت بأصحاب السبت، ومن هم أصحاب السبت؟ فنقول: ذكروا هنا على سبيل الإجمال؛ لأن أمرهم معلوم، وهذا يشبه ما يقول النحويون في "الـ" التي للعهد الذهني.
٩ - أن الله سبحانه يذكر نفسه بلفظ العظمة:"نطمس، نرد، نلعن، كما لعنا"، وذلك لأن المقام يقتضي ذلك، فالمقام مقام تهديد، ولا بد أن يظهر المهدِّد عظمته أمام المهدَّد، وهذا في غاية البلاغة، وهي مراعاة المخاطب.
١٠ - تفضيل تغيير الأسلوب إذا اقتضت الحاجة ذلك، لقوله:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} ولم يقل: وكان أمرنا مفعولًا، ففي الآية التفات من الخطاب إلى الغَيبة؛ لأن قوله:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} تحدث عن غائب، لكن قوله:{نَطْمِسَ} وما أشبه ذلك، هذه تحدث عن متكلم، ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة للتعظيم؛ لأن قول العظيم فعل فلان كذا يعني نفسه، أبلغ من قوله: فعلت كذا.