للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ}: تحدث سبحانه عن نفسه بصيغة الغائب تعظيمًا له، كما يقول الملك لجنوده: إن الملك يأمركم أن تتجهوا إلى المكان الفلاني، فيكون هذا من باب التعظيم؛ أي: أن تحدث المتحدث عن نفسه بصيغة الغائب يعتبر تعظيمًا.

وقوله: {لَا يَغْفِرُ}، المغفرة الستر مع التجاوز، ويدل لكون المعنى مركبًا من الستر والتجاوز الإشتقاق؛ لأن المغفرة مأخوذة من المِغْفَر، وهو الذي يوضع على الرأس، ويسمى البيضة، يتقى به السهام، وإذا وضع على الرأس واتقى به السهام صار فيه ستر ووقاية.

فقوله: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} أي: لا يتجاوز ولا يستر الإشراك به.

وقوله: {أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} {أَن} هذه مصدرية، وأن المصدرية من الحروف الموصولة فتسبك مع ما بعدها بمصدر، ويكون التقدير على هذا: إن الله لا يغفر إشراكًا به، وإذا حولنا هذا الفعل مع {أَن} إلى مصدر صار نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي للعموم.

وقوله تعالى: {أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} يشمل الإشراك في الربوبية والإشراك في الألوهية الذي هو الإشراك في العبادة، والثالث الإشراك في الأسماء والصفات، فالله لا يغفره؛ لأن جانب التوحيد أعظم الجوانب حقًا أن يوفى به، فإذا أخل به الإنسان فإن الله سبحانه لا يغفره، بخلاف المعاصي الأخرى التي دونه أو التي سوى الشرك فإن الله يغفرها، فمن اعتقد أن مع الله خالقًا فهو مشرك، أو أن لأحد من الخلق شيئًا ينفرد به دون الله فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>