فأنا أسلم منه، وأما على رواية الفتح فليس المراد أن القرين أسلم لله، ولكنه أسلم استسلامًا ظاهرًا، فهو من الإستسلام وليس من الإسلام لأنه شيطان، فإذًا: على الوجه الثاني يكون الله تعالى أعان الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليه حتى ذل وخضع واستسلم، فلا يأمر إلا بخير.
قال الله تبارك وتعالى موبخًا أولئك القوم الذين يختالون ويفخرون ويبخلون ويأمرون الناس بالبخل، أو الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر:{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}.
فقوله:{مَاذَا} استفهام، لكن هل "ماذا" كلها استفهام، أو "ما" استفهام و"ذا" بمعنى الذي؟ في هذا قولان لعلماء النحو، مع اتفاق الجميع على أن الجملة استفهامية.
والمراد بالإستفهام هنا التوبيخ، والمعنى: أي شيء عليكم إذا آمنتم؟ الجواب: لا شيء عليهم، وكما قال مؤمن آل فرعون:{وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}[غافر: ٢٨]، فلو آمنوا وجربوا فماذا يكون عليهم؟
وقوله:{لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}{لَو} هنا شرطية، وجوابها محذوف دل عليه ما قبله، وقيل: إنها في مثل هذا التركيب لا تحتاج إلى جواب، أي: ما كان جوابه مذكورًا في غير محله بأن كان مقدمًا، فإنه لا يحتاج إلى جواب، وهذا الذي