للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأنا أسلم منه، وأما على رواية الفتح فليس المراد أن القرين أسلم لله، ولكنه أسلم استسلامًا ظاهرًا، فهو من الإستسلام وليس من الإسلام لأنه شيطان، فإذًا: على الوجه الثاني يكون الله تعالى أعان الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليه حتى ذل وخضع واستسلم، فلا يأمر إلا بخير.

* * *

* قال الله تعالى: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (٣٩)} [النساء: ٣٩].

قال الله تبارك وتعالى موبخًا أولئك القوم الذين يختالون ويفخرون ويبخلون ويأمرون الناس بالبخل، أو الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}.

فقوله: {مَاذَا} استفهام، لكن هل "ماذا" كلها استفهام، أو "ما" استفهام و"ذا" بمعنى الذي؟ في هذا قولان لعلماء النحو، مع اتفاق الجميع على أن الجملة استفهامية.

والمراد بالإستفهام هنا التوبيخ، والمعنى: أي شيء عليكم إذا آمنتم؟ الجواب: لا شيء عليهم، وكما قال مؤمن آل فرعون: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [غافر: ٢٨]، فلو آمنوا وجربوا فماذا يكون عليهم؟

وقوله: {لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} {لَو} هنا شرطية، وجوابها محذوف دل عليه ما قبله، وقيل: إنها في مثل هذا التركيب لا تحتاج إلى جواب، أي: ما كان جوابه مذكورًا في غير محله بأن كان مقدمًا، فإنه لا يحتاج إلى جواب، وهذا الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>