للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة، ويكون أيضًا من الحكمة، وهي إتقان الشيء ووضعه في موضعه، ولا شك أن الله سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة في شرعه، وفي قدره، ولهذا نقول: الحكمة شرعية وقدرية.

وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} مناسبة ختم الآية بهذين الإسمين الكريمين؛ لأن هؤلاء اليهود جاءوا مغالبين يريدون أن يقتلوا رسولًا من رسل الله عزّ وجل، فناسب أن يختم الآية بالعزة والحكمة، وهي هنا في الحكم أظهر منها في الحكمة، يعني هو الحاكم عزّ وجل؛ ولذلك منع هؤلاء من إفسادهم وقتلهم النبي.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - إبطال ما ادعاه هؤلاء من قتل عيسى ابن مريم - عليه الصلاة والسلام -، حيث نفى قتله ثم بين أنه مرفوع إلى الله.

٢ - إثبات علو الله عزّ وجل، لقوله: {إِلَيْهِ} وإلى للغاية، فدل ذلك على أن المرفوع إليه عالٍ، والأدلة على علو الله تعالى بذاته كثيرة لا تحصر من القرآن، والسنة، وإجماع السلف، والعقل، والفطرة، وقد تكرر هذا كثيرًا وبيناه - والحمد لله -.

٣ - أن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام حي، لقوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} وهذا يقتضي رفعه بجسده، كما عرج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بجسده إلى السماوات.

ولو جاء سائل يقول: إذا قلنا: إن عيسى حيٌّ، فما الجواب على قول الله {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: ٥٥]؟

والجواب على هذا: أن قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} فيه أقوال:

الأول: أن المراد بالوفاة النوم، والدليل قول الله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>