للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}: الواو هنا يحتمل أن تكون استئنافية لبيان حال الإنسان الموجبة للتخفيف، ويحتمل أن تكون الواو للحال، والجملة على تقدير قد؛ أي: وقد خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا.

وعلى الإحتمالين فالجملة فيها نوع تعليل لقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} كأن قائلًا يقول: ولماذا أراد ذلك؟ فقال: لأن الإنسان خلق ضعيفًا؛ أي: خلقه الله عزّ وجل ضعيفًا في كل أموره: ضعيفًا في جسمه، ضعيفًا في إرادته، ضعيفًا في علمه، ضعيفًا في كل شيء، والدليل على ذلك أنه لا يتحمل البرودة في الشتاء، ولا الحر في الصيف، ولا الأتعاب، فهو ضعيف؛ فكانت الشرائع مناسبة لحاله.

وتأمل الفرق بين قوله هنا: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}، وبين قوله: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: ٧٦]!

فالشيطان في كيده العظيم ضعيف، فإذا كان كيد الشيطان ضعيفًا، فإن هذا يقتضي منا أن نكون أقوياء على الشيطان وإن كنا ضعفاء؛ لأن الشيطان كيده ضعيف، ونحن وإن كنا ضعفاء لكن يجب أن نكون أقوى منه، وأن نثق بقوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦)} [الطارق: ١٥ - ١٦].

وقوله: {ضَعِيفًا}: منصوبة لأنها حال، حيث إنها وصف بعد معرفة، والوصف بعد المعرفة حال، والوصف بعد النكرة نعت؛ أي: صفة.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

١ - تأكيد فضل الله عزّ وجل على عباده، حيث كرر قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>