وقوله:{وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} أي: ما يحدثون به عن أنفسهم، بل يقرون إقرارًا كاملًا بأنهم كفروا وعصوا الرسول.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - بيان ما تؤول إليه حال الكفرة العاصين للرسول - صلى الله عليه وسلم -، حيث يتمنون أنهم لم يخلقوا وأن الأرض سويت بهم.
٢ - الحذر من معصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لقوله:{وَعَصَوُا الرَّسُولَ}.
٣ - وجوب العمل بما في السنة وإن لم يكن في القرآن، وتؤخذ من قوله:{وَعَصَوُا الرَّسُولَ}؛ لأن هناك أوامر صدرت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم تكن في القرآن، فيجب العمل بها.
٤ - شدة حسرة أولئك الكفار يوم القيامة، أنهم يتمنون أنهم لم يخلقوا وأن تسوى بهم الأرض ويدفنون فيها، ولكن هذا لا ينفعهم.
٥ - أن هؤلاء الكافرين العاصين يقرون بما هم عليه، فلا يكتمون الله حديثًا.
٦ - أنهم لا يكتمون أي حديث كان؛ لأن {حَدِيثًا} نكرة في سياق النفي فتعم كل شيء، فهم يقرون بكل ما عملوا، ولهذا:{كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}[الملك: ٨] فيقولون: {بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠)} [الملك: ٩ - ١٠].
فإن قال قائل: كيف تجمعون بين هذه الآية وقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)}