للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قال الله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)} [النساء: ٧٩].

{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}، {مَا} هذه شرطية، وجواب الشرط قوله: {فَمِنَ اللَّهِ} ويقال: مثل ذلك في قوله: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}.

وقوله: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} المراد بالحسنة هنا ما يحصل للإنسان من الصحة والرزق وغير ذلك، فهي مجرد فضل من الله؛ كقوله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣] ولولا إنعام الله وفضله ما حصل لنا هذا الخير الذي نحن فيه.

وقوله: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ} وهي ضد الحسنة؛ أي: ما يسوءك من قدر الله عزّ وجل {فَمِنْ نَفْسِكَ} يعني: فأنت السبب.

والخطاب في قوله: {وَمَا أَصَابَكَ} قيل: إنه للرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله قال له: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: ٧٨] ثم قال: {وَمَا أَصَابَكَ}، وقيل: إن الخطاب لغيره، فهو موجه لكل من يتأتى خطابه.

حجة الأولين: أن السياق يقتضي ذلك في قوله: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} ثم قال: {وَمَا أَصَابَكَ}، والسياق على نمط واحد.

وحجة الآخرين أنهم قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسيء إساءة تكون المصائب التي تصيبه من عنده، ولكن الأولى الأخذ بظاهر السياق، وأن الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا كان هذا للرسول - صلى الله عليه وسلم - فمن دونه من باب أولى، وهذا لا شك فيه.

ولهذا قال: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} فصار القول الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>