{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}، {مَا} هذه شرطية، وجواب الشرط قوله:{فَمِنَ اللَّهِ} ويقال: مثل ذلك في قوله: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}.
وقوله:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} المراد بالحسنة هنا ما يحصل للإنسان من الصحة والرزق وغير ذلك، فهي مجرد فضل من الله؛ كقوله تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}[النحل: ٥٣] ولولا إنعام الله وفضله ما حصل لنا هذا الخير الذي نحن فيه.
وقوله:{وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ} وهي ضد الحسنة؛ أي: ما يسوءك من قدر الله عزّ وجل {فَمِنْ نَفْسِكَ} يعني: فأنت السبب.
والخطاب في قوله:{وَمَا أَصَابَكَ} قيل: إنه للرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله قال له:{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[النساء: ٧٨] ثم قال: {وَمَا أَصَابَكَ}، وقيل: إن الخطاب لغيره، فهو موجه لكل من يتأتى خطابه.
حجة الأولين: أن السياق يقتضي ذلك في قوله: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} ثم قال: {وَمَا أَصَابَكَ}، والسياق على نمط واحد.
وحجة الآخرين أنهم قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسيء إساءة تكون المصائب التي تصيبه من عنده، ولكن الأولى الأخذ بظاهر السياق، وأن الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا كان هذا للرسول - صلى الله عليه وسلم - فمن دونه من باب أولى، وهذا لا شك فيه.
ولهذا قال:{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} فصار القول الذي