للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: أن جميع الناس {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: ٧٧]، بل كل يجازى بعمله.

ولو قال قائل: لو كان عمر الكافر في الدنيا مائة سنة، ويبقى في النار أبد الآبدين فهذا ظلم، يعني: كيف يكون الجزاء أبد الآبدين والعمل محدد بمائة سنة أو نحو ذلك؟

فالجواب: أن نقول: استوعب ظلمه وكفره جميع حياته في الدنيا فليستوعب جزاؤه جميع بقائه في الآخرة، ثم هو قد أعذر الله إليه، وقد بين له، فليس له عذر، والأمر ليس مبهمًا حتى يقال: إنه ظلم.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - الدعوة إلى التعجب لما يكون محل تعجب؛ لأن الإستفهام في الآية للتعجيب.

٢ - أن الإنسان قد يتعجل الشيء فإذا نزل به نكص عنه، وهؤلاء تعجلوا القتال فلما أمروا به نكص بعضهم عنه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا فإن الجنة تحت ظلال السيوف" (١).

٣ - ويتفرع من هذه الفائدة: أنه لا ينبغي للإنسان أن يتدخل في أمر يعجز عن الخروج منه؛ لأن فيه إذلالًا للنفس ووجهه أن


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب لا تمنوا لقاء العدو، حديث رقم (٢٨٦١)؛ ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء، حديث رقم (١٧٤٢) عن عبد الله بن أبي أوفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>