للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خيرًا لغير المتقين، بل هي شر، وإنما هي خير {لِمَنِ اتَّقَى} وقوله: {اتَّقَى} أصله من الوقاية، فأصل اتقى أوتقى، لكن قلبت الواو تاءً لعلة تصريفية، ثم أدغمت التاء بالتاء.

واعلم أنه إذا ذكرت التقوى وحدها شملت البر، وإذا ذكر البر وحده شمل التقوى، وإذا ذكر البر والتقوى جميعًا صار البر فعل الطاعات، والتقوى ترك المحرمات، فقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢]، {الْبِرِّ} فعل الطاعات {وَالتَّقْوَى} ترك المحرمات، وهنا قوله: {لِمَنِ اتَّقَى} يشمل البر والتقوى.

وقوله: {خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} يعني: أما غير المتقي فليست خيرًا له، وسيأتي إن شاء الله في الفوائد ما يتعلق بذلك.

قوله: {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} فيها قراءتان: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} بالياء، {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} بالتاء، فإن كانت بالتاء، فهي من جملة القول الذي أمر الله نبيه أن يقوله: {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} يعني: قل لهم: {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}، وإن كانت بالياء، يعني: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [الإسراء: ٧١] فهي من كلام الله عزّ وجل.

والفتيل: هو الخيط الذي يكون في بطن النواة، والنواة فيها ثلاثة أشياء يضرب بها المثل في الحقارة: النقير، والقطمير، والفتيل، فالفتيل هو: الخيط الذي يكون في بطن النواة، وعليها سلك يسمى قطمير، وفي ظهرها نقرة تسمى النقير، وهذه النقرة إذا دفنت في الأرض وأراد الله عزّ وجل أن تنبت خرج العرق من هذه النقرة، ثم انتشر في الأرض، وبعد مدة يكون كل المخ الذي فيها قد انسحب ولا يبقى إلا القشر الذي هو جلدها.

ويضرب المثل بهذه الأشياء الثلاثة في قلة الشيء وحقارته،

<<  <  ج: ص:  >  >>