للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقامت به الأفعال الإختيارية، ولا شك أن قيام الأفعال الإختيارية بالله عزّ وجل من كمال الله، فمن كماله أن يكون فاعلًا متى شاء فعل ومتى شاء لم يفعل، وأما من قال: إنه يلزم من قيام الحوادث به أن يكون حادثًا فهذه قضية غير مسلمة ولا صحيحة.

والمخلوق والحادث بينهما فرق عظيم، فالحادث قد يكون صفة وقد يكون مخلوقًا بائنًا، فكلام الله عزّ وجل ليس مخلوقًا بائنًا عن الله، لكنه يتكلم به، وكلامه به الآن ليس أزليًا، بل هو حادث.

* * *

* قال الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (٨٨)} [النساء: ٨٨].

{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} الخطاب في قوله: {فَمَا لَكُمْ} للصحابة رضي الله عنهم، و"ما" اسم استفهام مبتدأ، والمراد بالإستفهام هنا الإنكار عليهم وقوله: {لَكُمْ} جار ومجرور خبر المبتدأ، يعني: أي شيء لكم في المنافقين تختلفون فتكونون فئتين؟ وذلك أن الصحابة رضي الله عنهم بعد رجوع من رجع من المنافقين من أُحد - وكان الذين رجعوا من الجيش في أُحد نحو الثلث كلهم منافقون - اختلف الصحابة فيما بعد، فقال بعضهم: نقتلهم لأنهم خانوا وتبينت ردتهم، وقال آخرون: لا نقتلهم لأنهم يتظاهرون بالإِسلام، فاختلفوا وتنازعوا وصار المسلمون فئتين، وعلى هذا فيكون قوله: {فِئَتَيْنِ} خبرًا لصار المحذوفة، والتقدير: "فما لكم في المنافقين صرتم فئتين" أو "كنتم فئتين" وكلاهما صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>