للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣)} [النساء: ٣].

الآية الأولى في أموال اليتامى، وهذه الآية في أبضاع اليتامى، قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} اليتامى: جمع يتيم، والمراد به هنا: اليتامى من النساء.

وقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} قال بعضهم: الخوف هنا بمعنى العلم؛ أي: وإن علمتم أن لا تقسطوا، واستدل لذلك بقوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٨٢]، فإن معنى: {فَمَنْ خَافَ} أي: فمن علم. ولكن الصحيح في هذه الآية {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا} أن المراد بها الخوف وإن لم يعلم، فمتى خاف الإنسان أن لا يقسط في اليتامى؛ فليفعل ما ذكر الله.

وقوله: {أَلَّا تُقْسِطُوا} أي: أن لا تعدلوا في اليتامى، وهناك فرق بين أَقْسَط وقَسَط:

فقَسَط بمعنى: جار، وأَقْسَط بمعنى: عدل؛ ولهذا قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: ٤٢]، وقال: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥)} [الجن: ١٥].

إذًا فقوله: {أَلَّا تُقْسِطُوا} أي: ألا تعدلوا في اليتامى، وقد كانوا في الجاهلية إذا تولى الإنسان على ابنة عمه اليتيمة جار عليها بأن يتزوجها وهي كارهة، أو يتزوجها بدون مهر، أو بمهر قليل، أو يتزوجها وهو كاره لها، لكنه يريد أن يتحجرها، أو غير ذلك من أنواع الظلم والجور، فقال الله عزّ وجل مرشدًا عباده:

<<  <  ج: ص:  >  >>