للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن خفتم عدم العدل فالباب مفتوح، {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، فليست النساء معدومات إلا هؤلاء اليتيمات، بل الأمر واسع، فاعدلوا عنهن وجوبًا، فإذا خاف ألا يعدل في اليتيمة وجب عليه أن يعدل عنها، لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، يعني: اتركوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء.

و{مَا} فسرها بعضهم بمن؛ أي: فانكحوا من طاب، وقالوا: لأن المرأة من ذوات العقل، والعاقل يستخدم له "مَن"، وغير العاقل يستخدم له "ما"، فقالوا: إن "ما" بمعنى "من"، ولكن هذا القول ضعيف، بل نقول: إذا كان الأمر يراد به الوصف، فالوصف ليس من العقلاء، فيؤتى بما، وهنا المرأة تطيب للرجل لوصفها؛ لأن اختيار المرأة لما قام بها من الأوصاف التي توجب اختيارها، ولهذا عبر بما، فالصحيح أن "ما" هنا في موضعها، وليست بمعنى مَنْ.

وقوله: {مَا طَابَ لَكُمْ} أي: ما حسن، ورأيتموه طيبًا، وطابت به نفوسكم، ولا تكرهوا أنفسكم على نكاح من لا تريدون ومن لا تطيب لكم؛ لأن إكراه الإنسان نفسه على من لا تطيب له كإكراه الرجل نفسه على طعام لا يشتهيه، وإذا أكره الإنسان نفسه على طعام لا يشتهيه؛ فإنه لا يستسيغه أبدًا.

وبماذا تطيب النفس؟

جاء في الحديث: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها" (١)، ومن المال: الوظيفة، فتنكح المرأة الآن


(١) رواه البخاري، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين (٥٠٩٠)؛ ورواه مسلم، كتاب الرضاع، باب استحباب ذات الدين (١٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>